تصاب الأسنان بالتسوس عندما تهاجم الأحماض المتواجدة في الفم المينا والعاج السني، ممّا يؤدي إلى تشكّل ثقوب أو تجاويف في الأسنان. أمّا الأحماض فتنتجها البكتيريا في البلاك وهو عبارة عن طبقة رقيقة ولزجة تلتصق بأسطح الأسنان بشكل متكرر. وعند تناول المأكولات السكرية، يتفاعل السكر مع البكتيريا في البلاك لإنتاج الأحماض.
تسبب هذه الأحماض تسوس الأسنان لأنها تفعّل تآكل المينا شيئًا فشيئًا، فتتشكل الثقوب أو التجاويف في الأسنان. وعندما يصل تسوس الأسنان إلى مرحلة متقدّمة يمكن أن يتسبب بتشكل خراجات في الأسنان ما قد يستدعي إلى خلع السن.
وعلى الرغم من انخفاض مستوى حالات تسوس الأسنان خلال العقود الأخيرة، لا زال تسوس الأسنان يعتبر من أكثر المشكلات الصحية الشائعة في المملكة المتحدة، مباشرة بعد الزكام. وبحسب التقديرات، فإنّ واحدًا من بين ثلاثة أشخاص بالغين يعاني من تسوس الأسنان، وحوالى طفل واحد من بين أربعة أطفال يعاني من أحد أشكال تسوس الأسنان.
السكر وتسوس الأسنان
تعتبر السكريات المتواجدة في المأكولات والمشروبات من أبرز مسببات تسوس الأسنان وتطوره، إذ إنّ البكتيريا في البلاك تستخدم السكر كمصدر للطاقة وتفرز الأحماض كمخلفات تفعّل بدورها تآكل المينا شيئًا فشيئًا.
في عام 2010، كلفت منظمة الصحة العالمية (WHO) مجموعة الدراسة التابعة لها إجراء مراجعة منهجية للدراسات التي تجرى في هذا الإطار للإجابة عن سلسلة من الأسئلة المتعلقة بتأثير السكر على سلامة الأسنان وارتباطه بتسوسها. وقد أنتجت المراجعة المنهجية دليلاً ثابتًا متوسط المستوى يؤكّد العلاقة بين كمية السكر التي يتناولها الأفراد وتطور حالة تسوس الأسنان لديهم. بالإضافة إلى دليل متوسط المستوى آخر يشير إلى أن نسبة تسوس الأسنان تكون أقلّ عندما تكون كمية السكريات الحرة التي يتناولها الأفراد أقل من 10% من إجمالي استهلاكهم للطاقة. في طبيعة الحال، يتقدّم تسوس الأسنان مع التقدم في العمر، وتستمر تأثيرات السكريات على الأسنان مدى الحياة. حتى أنّ مستوى تسوس الأسنان في مرحلة الطفولة مهم أيضًا بالنسبة إلى مستوى تسوس الأسنان مدى الحياة. ويشير تحليل البيانات إلى المنفعة الكبيرة من تقليل استهلاك السكريات إلى أقل من 5% من إجمالي استهلاك الطاقة للحد من مخاطر تسوس الأسنان مدى العمر.
بالإضافة إلى ذلك، نشرت اللجنة الاستشارية العلمية للتغذية (SACN) مؤخّرًا تقريرًا يشير إلى وجود صلة واضحة بين تناول الأطعمة واحتساء المشروبات الغنية بالسكر وتسوس الأسنان، سواء أكانت الأسنان اللبنية أم الأسنان الدائمة. وقد راجعت اللجنة الاستشارية العلمية للتغذية 11 دراسة توجيهية بيّنت وجود علاقة السبب والنتيجة بين تناول الأطعمة التي تحتوي على سكر وتسوس الأسنان اللبنية لدى الأطفال. كما راجعت سبع دراسات توجيهية أخرى قدّمت دلائل على الرابط بين تسوس الأسنان لدى الأطفال واحتسائهم المشروبات المحلّاة بالسكر. كما أظهرت أيضًا أنّ استهلاك السكر بشكل متكرر مرتبط بزيادة نسبة تسوس الأسنان.
اليوم، تحتوي معظم الأطعمة على السكريات الحرة، وهي العامل الأكثر تسبّبًا في تدهور صحة الفم.
ففي الواقع، إنّها مشكلة لدى الأطفال الذين اعتادوا تناول السكر في سن مبكرة. ويعتبر تسوس الأسنان السبب الرئيسي لدخول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات المستشفى في المملكة المتّحدة، إذ يبلغ عدد الأطفال الذين يدخلون المستشفى للحصول على العلاج المناسب بسبب تسوس الأسنان 26,000 طفل في العام الواحد، أي حوالى 500 طفل في الأسبوع.
من هم الأفراد الأكثر عرضة لتسوس الأسنان؟
إنّ جميع الأفراد معرضون لتسوس الأسنان، لكن الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة لهذه المشكلة. فتسوس الأسنان يعتبر السبب الأكثر شيوعًا لفقدان الأسنان لدى الشباب. فالبلاك يبدأ بالتراكم على أسطح الأسنان بعد مرور 20 دقيقة فقط على تناول الطعام، وفي حال لم تنظّف الأسنان بالطريقة المناسبة لإزالة الطبقة المتراكمة عليها، تبدأ علامات التسوس بالظهور. والأفراد الذين يتناولون الطعام أو يحتسون المشروبات الغنية بالسكر بانتظام هم معرضون أكثر من غيرهم لتسوس الأسنان، لا سيما إذا كانت الأطعمة التي يتناولونها لزجة القوام أو أنهم يتناولوها بين الوجبات الأساسية.
إنّ الوجبات الخفيفة التي تحتوي على السكر والمشروبات المحلاة بالسكر لها تأثير سلبي على الأسنان بشكل خاصّ. كما أنّ المدخنين ومحبي المشروبات الكحولية معرضون لمخاطر تسوس الأسنان. ويرتبط تسوس الأسنان أيضًا بعوامل اجتماعية، إذ إنّ البالغين الذين ينتمون إلى أسر ذات دخل منخفض أكثر عرضة لتسوس الأسنان مقارنة بالبالغين الذين ينتمون إلى أسر ذات دخل مرتفع (37% مقابل 26%).
نصيحة غذائية
في الوقت الحالي، نحن نتناول كميات كبيرة من السكر يوميًّا. وبالاستناد إلى نتائج المراجعة الأخيرة التي نشرتها اللجنة الاستشارية العلمية للتغذية ومنظمة الصحة العالمية، أوصت بخفض نسبة السكر اليومية المستهلكة إلى أقل من 5% من إجمالي استهلاك الطاقة اليومية، أو ما يعادل قدر ملعقتي شاي من السكر (مكعبين من السكر) (أي ما يساوي 30 جرامًا) في اليوم لأيّ شخص عمره 11 سنة وما فوق. أما بالنسبة إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات، فقد أوصت بأن تعادل نسبة السكر التي يستهلكونها في اليوم 19 جرامًا، وبالنسبة إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و11 سنة فتعادل هذه النسبة 24 جرامًا. تعتبر التوصية هذه باستهلاك أقلّ من 5% أقل بكثير من نسبة استهلاك السكر الحالية التي تبلغ 11.9% لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1.5 سنة و3 سنوات، و14.7% لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و10 سنوات، و15.6% لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و18 سنة. وتشير الأدلة إلى أنّه في حال خُفّضت كمية استهلاك السكر اليومية إلى 5%، سيؤثر ذلك إيجابيًّا بشكل كبير من ناحية تقليل حالات تسوس الأسنان وتحسين صحة الأسنان والفم بشكل عام.
تشمل الطرق الأخرى التي تساهم في تقليل تسوس الأسنان الإجراءات التالية:
- تنظيف الأسنان بالفرشاة تنظيفًا دقيقًا مرتين في اليوم باستخدام معجون الأسنان الذي يحتوي على الفلوريد، بالإضافة إلى استخدام الخيط لتنظيف بين الأسنان يوميًّا.
- تقليل كمية تناول الأطعمة اللزجة الغنية بالسكر، ومضمضة الفم بالماء في حال تناولها.
- تقليل تناول الوجبات الخفيفة، ممّا يساعد على تقليل إفراز الأحماض في الفم.
- تقليل احتساء المشروبات المحلاة بالسكر.