سوء إطباق الأسنان من الدرجة الثالثة (باللغة الإنجليزية: Class III malocclusion)، المعروف شائعًا باسم “التقدُّم السفلي”، هو نوع من عدم تناسق الأسنان يتميز بتقدُّم أسنان الفك السفلي الأمامية فوق أسنان الفك العلوي الأمامية عند إغلاق الفك. يمكن أن يكون هذه الظاهرة لها أسباب مختلفة، بما في ذلك العوامل الوراثية، ونمو الفك غير الطبيعي، أو مزيج من كليهما. سوء الإطباق من الدرجة الثالثة قد يكون مرتبطًا باختلال نمو الفك العلوي (و/أو تراجع الفك العلوي للخلف)، زيادة نمو الفك السفلي (و/أو بروز الفك السفلي للأمام)، أو مزيج من كليهما مع التشوهات الرأسية والمستعرضة.
تقرير منهجي حديث أفاد بأن انتشار إطباق الأسنان من الدرجة الثالثة (تقدم الفك السفلي) في جميع أنحاء العالم يتراوح بين 0% إلى 26.7% للبلاد المختلفة. وتم اكتشاف معدلات انتشار بنسب 15.80%، 15.69%، و16.59% في دول جنوب شرق آسيا، والصين، وماليزيا على التوالي.
الأفراد الذين يعانون من إطباق الأسنان من الدرجة الثالثة (تقدم الفك السفلي) قد يواجهون تحديات في مضغ الطعام، والتحدث، والحفاظ على نظافة الفم الصحيحة بسبب عدم تناسق أسنانهم وفكيهم. بالإضافة إلى ذلك، يعاني مرضى إطباق الأسنان من الدرجة الثالثة من مشاكل في مظهرهم الجمالي بسبب ملامح وجهية مقعرة ونمط وظيفي رأسي يحد من الحركة للحركات الرأسية.
يستخدم أطباء تقويم الأسنان وسائل علاجية متنوعة، مثل التقويم الثابت، والأجهزة التقويمية القابلة للإزالة، وأحيانًا التدخل الجراحي، لتصحيح سوء الإطباق من الدرجة الثالثة. الهدف هو تحقيق محاذاة صحيحة للأسنان والفكين لتحسين الوظيفة والجماليات. في بعض الحالات، يمكن أن يساعد العلاج التقويمي المبكر خلال الطفولة أو المراهقة في توجيه نمو الفكين ومنع تطور سوء الإطباق من الدرجة الثالثة بشكل أكثر حدة.
(تقدم الفك السفلي) الأسباب والتشخيص
تنتج تطورات سوء الإطباق من الدرجة الثالثة عن مجموعة متنوعة من العوامل، والتي ترتكز في الأساس على الوراثة الجينية. وقد أظهرت الأبحاث المكثفة أن التأثيرات الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في ظهور سوء الإطباق من الدرجة الثالثة. تبرز أنماط الوراثة العائلية، مثل حالة “فك هابسبورغ” الموثقة جيدًا بين أفراد العائلة المالكة الأوروبية، الأسس الجينية لتقدُّم الفك السفلي. ومع ذلك، من المهم الاعتراف بأن العوامل الجينية وحدها لا تقدم الصورة الكاملة، إذ أن العوامل البيئية تساهم بشكل كبير في هذه الحالة أيضًا.
العادات الوضعية الخاطئة للفك السفلي يمكن أن تغير بشكل مرضي مكان لقمة الفك السفلي، مما يؤدي إلى تغيير مكان الفك السفلي للأمام. تشمل العوامل الإضافية أنماط البلع غير الطبيعية، انسدادات مجرى الأنف، التنفس من الفم، التحولات الوظيفية للفك السفلي بسبب احتياجات التنفس، الاختلالات الهرمونية (مثل ضخامة الأطراف أو أورام الغدة النخامية)، الإصابات، الفقدان المبكر للأسنان الأولية، العيوب الخلقية مثل الشفة الأرنبية أو شق الحنك، وضعف العضلات، سواء بمفردها أو مع عوامل بيئية أخرى. يبقى التفاعل الدقيق بين هذه العناصر الجينية والبيئية موضوعًا مستمرًا للبحث والنقاش.
(تقدم الفك السفلي) المظاهر السريرية
يقدم سوء الإطباق من الدرجة الثالثة مجموعة مميزة من المظاهر السريرية التي يجب على أطباء تقويم الأسنان مراقبتها بدقة للتشخيص الصحيح. من بين المؤشرات السريرية الأساسية، العضات المعكوسة الأمامية، حيث تبرز الأسنان الأمامية السفلية خارج الأسنان الأمامية العلوية، مما ينتج عنه مظهر العضة السفلية. غالبًا ما يواجه المرضى صعوبات في المضغ والتحدث بسبب سوء محاذاة أسنانهم وفكيهم. بالإضافة إلى التحديات الوظيفية، يمكن أن يكون لسوء الإطباق من الدرجة الثالثة تأثير كبير على جماليات الوجه، مما يؤثر على احترام المريض لذاته وجودة حياته بشكل عام.
(تقدم الفك السفلي) أنواع سوء الإطباق من الدرجة الثالثة
يمكن أن يظهر سوء الإطباق من الدرجة الثالثة بأشكال مختلفة، مع تباين في درجات الخطورة. يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
– سوء الإطباق الهيكلي من الدرجة الثالثة
يشمل هذا النوع التباينات الهيكلية بين الفكين العلوي والسفلي، حيث يتميز إما بفك علوي ناقص، أو فك سفلي بارز، أو كليهما. تلعب العوامل الجينية دورًا كبيرًا في سوء الإطباق الهيكلي من الدرجة الثالثة.
– سوء الإطباق السني من الدرجة الثالثة
في هذا الشكل، يكون التباين بين الأسنان العلوية والسفلية أساسًا في الأسنان، مع محاذاة فكّية طبيعية نسبيًا. قد ينتج سوء الإطباق السني من الدرجة الثالثة عن عوامل مثل التفاوت في حجم الأسنان أو ازدحام قوس الأسنان.
– سوء الإطباق الوظيفي من الدرجة الثالثة
يتميز هذا النوع بتباين في كيفية عمل الفكين العلوي والسفلي أثناء العض والمضغ، مع وقوعه ضمن فئة سوء الإطباق الهيكلي من الدرجة الأولى. قد ينتج عن اختلالات عضلية أو عادات وظيفية غير صحيحة.
عند علاج مريض يعاني من سوء الإطباق من الدرجة الثالثة، يختلف خطة العلاج التقويمي بشكل كبير وفقًا لما إذا كان سوء الإطباق هيكلي حقيقي أو وظيفي/كاذب. للتفريق بين النوعين، يكون التشخيص السريري الدقيق أمرًا أساسيًا، حيث يُظهر كلا الحالتين عضة معكوسة أمامية. يمكن القيام بذلك عن طريق توجيه المريض إلى علاقة فكّية مركزية. إذا كانت القواطع في علاقة حافة إلى حافة مع وجود عضة مفتوحة خلفية، وكان يجب حدوث انزلاق أمامي للفك السفلي لتتطابق الأسنان الخلفية في إطباق مركزي، فإن هذا يشير إلى وجود سوء الإطباق من الدرجة الثالثة الكاذب.
يُعد التحليل الإشعاعي، كملحق ضروري للتشخيص السريري، مفيدًا في هذه الحالات، حيث يُظهر العلاقة الهيكلية من الدرجة الأولى مع أحجام طبيعية للفك العلوي والسفلي.